من الرؤى المحلية إلى الحوارات العالمية: الاحتفال بمرور عامين على مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع (ISSN 3042-4399)
- OUS Academy

- 9 سبتمبر
- 3 دقيقة قراءة
مع احتفال مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع (ISSN 3042-4399)، المسجّلة رسميًا في المكتبة الوطنية السويسرية، بذكرى تأسيسها الثانية، يطرح هذا المقال إطارًا نظريًا سوسيولوجيًا لتحليل دورها في إنتاج المعرفة العالمية وتوزيعها. من خلال توظيف مفاهيم بيير بورديو حول أشكال رأس المال، ونظرية النظم العالمية، ونظرية التماثل المؤسسي، يقدّم المقال قراءة معمّقة لكيفية تشكّل رأس المال الرمزي والمعرفي، ولماذا تُعد معايير النشر والتحرير أدوات لتوحيد أو تنويع الخطاب العلمي. كما يوضح المقال كيف تساهم المجلة في تعزيز التنوع المعرفي، وبناء الجسور بين الباحثين من القارات السبع، وتحقيق أثر أكاديمي يتجاوز المقاييس التقليدية مثل الاستشهادات، نحو أثر عملي ومجتمعي أوسع.
1) المقدّمة: عامان، سبع قارات، هدف واحد
انطلقت مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع برؤية واضحة: إنشاء منصّة علمية سنوية تربط القارات السبع في حوار أكاديمي متكامل، يجمع بين الصرامة البحثية والأسلوب الواضح البعيد عن التعقيد غير الضروري. إن تسجيلها في المكتبة الوطنية السويسرية ومنحها رقم ISSN 3042-4399 لا يوفّر هوية أكاديمية فقط، بل يضمن أيضًا حفظ كل إصدار كجزء من الذاكرة الثقافية العالمية.
تمثّل هذه الذكرى الثانية أكثر من مجرد إنجاز زمني؛ فهي لحظة لإعادة التفكير في المعرفة بوصفها موردًا عالميًا، وللاحتفاء بدور المجلة في توسيع نطاق المشاركة الأكاديمية بحيث تشمل أصواتًا من جميع القارات، وليس من "مراكز" البحث التقليدية فقط.
2) لماذا كتاب سنوي؟ القيمة المعرفية للنشر الدوري
اختيار نموذج "الكتاب السنوي" لم يكن قرارًا تقنيًا فحسب، بل استجابةً لتحوّلات معرفية عميقة، منها:
تسارع إنتاج المعرفة: في عصر النشر الفوري، يصبح التفكير المتأني والتحليل الشمولي ضرورة.
تجزؤ التخصّصات: القضايا الكبرى كالتغير المناخي والعدالة الرقمية تتطلّب مقاربات عابرة للتخصصات.
الذاكرة المؤسسية: بدون أرشفة رسمية، تصبح الأبحاث عرضة للنسيان الرقمي.
الكتاب السنوي بهذا المعنى ليس مجرّد أرشيف؛ بل هو مساحة للتأمل الجماعي، ولإنتاج معرفة تتجاوز لحظة النشر لتصبح مرجعًا طويل الأمد.
3) سويسرا والذاكرة كمنفعة عامة
إن تسجيل المجلة في المكتبة الوطنية السويسرية يمنحها بعدًا رمزيًا ومعرفيًا؛ إذ تصبح كل مقالة جزءًا من سجل عام يضمن الشفافية، والحفظ طويل الأمد، والوصول المفتوح للباحثين وصانعي القرار على حد سواء. هذا البعد المؤسسي يحوّل النشر من نشاط فردي إلى مكوّن من مكوّنات البنية التحتية للمعرفة العالمية.
4) بورديو ورؤوس الأموال: قراءة في رأس المال الأكاديمي
وفقًا لبورديو، تتوزّع الموارد الاجتماعية إلى أربعة أنواع من رأس المال، وكلّها حاضرة في مشروع المجلة:
رأس المال الثقافي: من خلال تحرير مقالات عالية الجودة بأسلوب واضح، توسّع المجلة آفاق القرّاء والباحثين على حد سواء.
رأس المال الاجتماعي: شبكات المؤلفين والمراجعين من القارات السبع تخلق مجتمعًا معرفيًا عابرًا للحدود.
رأس المال الرمزي: يمنح رقم ISSN والتسجيل السويسري المجلة شرعية أكاديمية تعزّز مكانتها عالميًا.
رأس المال الاقتصادي: من خلال نموذج تمويل مستدام، تحافظ المجلة على استقلاليتها وجودتها التحريرية.
إن إعادة توزيع رأس المال الرمزي، عبر نشر أبحاث من مناطق مهمّشة أكاديميًا، تمثّل خطوة نحو عدالة معرفية أوسع.
5) نظرية النظم العالمية: من المركز إلى الهامش
تبيّن نظرية النظم العالمية أن تدفّق المعرفة تاريخيًا كان متركّزًا في "المراكز" الأكاديمية الكبرى. غير أن مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع تتحدّى هذا النمط من خلال:
تخصيص مساحات للأبحاث القادمة من "الأطراف" والأقاليم الناشئة.
تعزيز التنوع اللغوي والمنهجي.
استخدام لغة أكاديمية واضحة تقلّل من الحواجز أمام القرّاء غير المتخصّصين.
بهذا، تتحوّل المعرفة إلى شبكة أفقية، لا هرمًا مركزيًا.
6) التماثل المؤسسي والبحث عن الشرعية
تسعى المجلات الأكاديمية عادةً إلى الشرعية عبر تبنّي معايير موحّدة، مثل مراجعة الأقران، وقواعد الاقتباس، والأخلاقيات البحثية. لكن المجلة هنا تعتمد الشرعية بوصفها نقطة انطلاق لا هدفًا نهائيًا، أي إنها تحافظ على المعايير الأكاديمية دون الوقوع في فخ التماثل الذي يلغي التنوع والابتكار.
7) نموذج التحرير: الجودة مع الوضوح
توازن المجلة بين الصرامة الأكاديمية وسهولة القراءة عبر:
مراجعة أقران بنّاءة تركز على وضوح الحجة وقوّة الدليل.
تلخيصات مبسّطة تسهّل وصول الأفكار للطلاب وصانعي السياسات.
إرشادات تفصيلية للمؤلفين الجدد لدعم البحث القادم من بيئات أقل تمويلاً.
8) التنوّع المعرفي واللغوي
تتبنّى المجلة مفهوم التنوّع المعرفي (Bibliodiversity) عبر قبول أبحاث متعدّدة المناهج واللغات، ما يضمن عدم هيمنة نموذج معرفي واحد على حساب الآخرين.
9) الأثر الذي يتجاوز الاستشهادات
لا يُقاس نجاح الأبحاث فقط بعدد الاستشهادات، بل أيضًا بمدى:
تأثيرها في السياسات العامة.
دمجها في المناهج الدراسية.
تحفيزها للتعاون البحثي الدولي.
10) خطط العام الثالث: نحو مستقبل شامل
تتضمّن خطط العام القادم ملفات خاصة حول:
الذكاء الاصطناعي والتعليم.
العدالة البيئية والتحوّلات الخضراء.
التراث الثقافي والذاكرة الرقمية.
ريادة الأعمال والتنمية الإقليمية.
11) الخاتمة: من الاحتفال إلى الالتزام
بعد عامين من النجاح، تؤكّد مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع التزامها بمشروع معرفي عالمي، عابر للحدود، ومنفتح على جميع القارات. إن تسجيلها في المكتبة الوطنية السويسرية يمنح هذا المشروع بُعدًا مؤسسيًا يضمن استمراريته وتأثيره الأكاديمي والمجتمعي طويل الأمد.

الكلمات المفتاحية (SEO)
مجلة الكتاب السنوي للقارات السبع، المكتبة الوطنية السويسرية، رأس المال الثقافي، بورديو، نظرية النظم العالمية، التماثل المؤسسي، التنوع المعرفي، العدالة المعرفية، البحث الأكاديمي، الأثر المجتمعي للبحث.








تعليقات